فصل في فروض الوضوء : وهو بضم الواو في الأشهر اسم للفعل وهو المراد هنا، وبفتح الواو اسم لما يتوضأ به. ويشتمل الأول على فروض وسنن وذكر المصنف الفروض في قوله
: وفروض الوضوء ستة أشياء
أحدها النية وحقيقتها شرعا قصد الشيئ مقترنا بفعله، فإن تراخي عنه سمي عزما. وتكون النية عند غسل أول جزء من الوجه أي مقترنة بذلك الجزء لا بجميعه ولا بما قبله ولا بما بعده
فينوي المتوضئ عند غسل ما ذكر رفع حدث من أحداثه، أو ينوي استباحة مفتقر إلى وضوء، أو ينوي فرض الوضوء أو الوضوء فقط، أو الطهارة عن الحدث فإن لم يقل عن الحدث لم يصح
وإذا نوى ما يعتبر من هذه النيات وشرك معه نية تنظف أو تبرد صح وضوؤه
والثاني غسل جميع الوجه وحده طولا ما بين منابت شعر الرأس غالبا وآخر اللحيين وهما العظمان اللذان ينبت عليهما الأسنان السفلى يجتمع مقدمهما في الذقن ومؤخرهما في الأذن وحده عرضا ما بين الأذنين
وإذا كان على الوجه شعر خفيف أو كثيف وجب إيصال الماء إليه مع البشرة التي تحته
وأما لحية الرجل الكثيفة بأن لم ير المخاطب بشرتها من خلالها فيكفي غسل ظاهرها بخلاف الخفيفة وهي ما يرى المخاطب بشرتها فيجب إيصال الماء لبشرتها
وبخلاف لحية امرأة وخنثى فيجب إيصال الماء لبشرتهما ولو كثفا
ولا بد مع غسل الوجه من غسل جزء من الرأس والرقبة وما تحت الذقن
والثالث غسل اليدين إلى المرفقين فإن لم يكن له مرفقان اعتبر قدرهما. وتجب غسل ما على اليدين من شعر وسلعة وأصبع زائدة وأظافير ويجب إزالة ما تحتها من وسخ يمنع وصول الماء
والرابع مسح بعض الرأس من ذكر أو أنثى أو خنثى أو مسح بعض شعر في حد الرأس ولا تتعين اليد للمسح بل يجوز بخرقة وغيرها. ولو غسل رأسه بدل مسحها جاز، ولو وضع يده المبلولة ولم يحركها جاز
والخامس غسل الرجلين إلى الكعبين إن لم يكن المتوضئ لابسا للخفين فإن كان لابسهما وجب عليه مسح الخفين أو غسل الرجلين. ويجب غسل ما عليهما من شعر وسلعة وأصبع زائدة كما سبق في اليدين
والسادس الترتيب في الوضوء على ما أي الوجه الذي ذكرناه في عد الفروض. فلو نسي الترتيب لم يكف ولو غسل أربعة أعضائه دفعة واحدة بإذنه ارتفع حدث وجهه فقط
وسننه أي الوضوء عشرة أشياء وفي بعض نسخ المتن عشر خصال
التسمية أوله وأقلها بسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم. فإن ترك التسمية أوله أتى بها في أثنائه، فإن فرغ من الوضوء لم يأت بها
وغسل الكفين إلى الكوعين قبل المضمضة ويغسلهما ثلاثا إن تردد في طهرهما قبل إدخالهما الإناء المشتمل على ماء دون القلتين، فإن لم يغسلهما كره له غمسهما في الإناء، وإن تيقن طهرهما لم يكره له غمسهما
والمضمضة بعد غسل الكفين ويحصل أصل السنة فيها بإدخال الماء في الفم سواء أداره فيه ومجه أم لا فإن أراد الأكمل مجه
والإستنشاق بعد المضمضة ويحصل أصل السنة فيه بإدخال الماء في الأنف سواء جذبه بنفسه إلى خياشيمه ونثره أم لا، فإن أراد الأكمل نثره
والمبالغة مطلوبة في المضمضة والإستنشاق، والجمع بين المضمضة والإستنشاق بثلاث غرف يتمضمض من كل منها ثم يستنشق أفضل من الفصل بينهما
ومسح جمع الرأس وفي بعض نسخ المتن واستيعاب الرأس بالمسح. أما مسح بعض الرأس فواجب كما سبق، ولو لم يرد نزع ما على رأسه من عمامة ونحوها كمل بالمسح عليها
ومسح جميع الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد أي غير بلل الرأس
والسنة في كيفية مسحها أن يدخل مسبحتيه في صماخيه ويديرهما على المعاطف ويمر إبهاميه على ظهورهما ثم يلصق كفيه وهما مبلولتان بالأذنين استظهارا
وتخليل اللحية الكثة بمثلثة من الرجل. أما لحية الرجل الخفيفة ولحية المرأة والخنثى فيجب تخليلهما. وكيفيته أن يدخل الرجل أصابعه من أسفل اللحية
وتخليل أصابع اليدين والرجلين إن وصل الماء إليها من غير تخليل، فإن لم يصل إلا به كما لأصابع الملتفة وجب تخليلها، وإن لم يتأت تخليلها لالتحامها حرم فتقها للتخليل
وكيفية تخليل اليدين بالتشبيك والرجلين بأن يبدأ بخنصر يده اليسرى من أسفل الرجل مبتدئا بخنصر الرجل اليمنى خاتما بخنصر اليسرى
وتقديم اليمنى من يديه ورجليه على اليسرى منهما. أما العضوان اللذان يسهل غسلهما معا كالخدين فلا يقدم الأيمن منهما بل يطهران دفعة واحدة
وذكر المصنف سنية تثليث العضو المغسول والممسوح في قوله
والطهارة ثلاثا ثلاثا وفي بعض النسخ والتكرار أي للمغسول والممسوح
والموالاة ويعبر عنها بالتتابع وهي أن لا يحصل بين العضوين تفريق كثير بل يطهر العضو بعد العضو بحيث لا يجف المغسول قبله مع اعتدال الهواء والمزاج والزمان
وإذا ثلث فالإعتبار لآخر غسلة وإنما تندب الموالاة في غير وضوء صاحب الضرورة أما هو فالموالاة واجبة في حقه
وبقي للوضوء سنن أخرى مذكورة في المطولات
فصل في الإستنجاء وآداب قاضي الحاجة : والإستنجاء وهو من نجوت الشيئ أي قطعته فكأن المستنجي يقطع به الأذى عن نفسه واجب من خروج البول والغائط بالماء أو بالحجر وما في معناه من كل جامد طاهر قالع غير محترم
ولكن الأفضل أن يستنجي أولا بالأحجار ثم يتبعها ثانيا بالماء. والواجب ثلاث مسحات ولو بثلاثة أطراف حجر واحد
ويجوز أن يقتصر المستنجي على الماء أو على ثلاثة أحجار ينقي بهن المحل إن حصل الإنقاء بها وإلا زاد عليها حتى ينقي ويسن بعد ذلك التثليث
فإذا أراد الإقتصار على أحدهما فالماء أفضل لأنه يزيل عين النجاسة وأثرها
وشرط إجزاء الإستنجاء بالحجر أن لا يجف الخارج النجس ولا ينتقل عن محل خروجه ولا يطرأ عليه نجس آخر أجنبي عنه. فإن انتفى شرط من ذلك تعين الماء
ويجتنب وجوبا قاضي الحاجة استقبال القبلة الآن وهي الكعبة، واستدبارها في الصحراء إن لم يكن بينه وبين القبلة ساتر أو كان ولم يبلغ ثلثي ذراع أو بلغهما وبعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع بذراع الآدمي كما قاله بعضهم والبنيان في هذا كالصحراء بالشرط المذكور إلا البناء المعد لقضاء الحاجة فلا حرمة فيه مطلقا
وخرج بقولنا الآن ما كان قبلة أولا كبيت المقدس قاستقباله واستدباره مكروه
ويجتنب أدبا قاضي الحاجة البول والغائط في الماء الراكد. أما الجاري فيكره في القليل منه دون الكثير لكن الأولى اجتنابه وبحث النووي تحريمه في القليل جاريا أو راكدا
ويجتنب أيضا البول والغائط تحت الشجرة المثمرة وقت الثمر وغيره، ويجتنب ما ذكر في الطريق المسلوك للناس، وفي موضع الظل صيفا، وفي موضع الشمس شتاء، وفي الثقب في الأرض وهو النازل المستدير. ولفظ الثقب ساقط في بعض نسخ المتن
ولا يتكلم أدبا لغير ضرورة قاضي الحاجة على البول والغائط. فإن دعت ضرورة إلى الكلام كمن رأى حية تقصد إنسانا لم يكره الكلام حينئذ
ولا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبرهما أي يكره له ذلك حال قضاء حاجته لكن النووي في الروضة وشرح المهذب قال أن استدبارها ليس بمكروه، وقال في شرح الوسيط إن ترك استقبالهما واستدبارهما سواء أي فيكون مباحا، وقال في التحقيق إن كراهة استقبالهما لا أصل لها
وقوله ولا يستقبل إلخ ساقط في بعض نسخ المتن
فصل في نواقض الوضوء المسماة أيضا بأسباب الحدث : والذي ينقض أي يبطل الوضوء ستة أشياء
أحدها ما خرج من أحد السبيلين أي القبل والدبر من متوضئ حي واضح معتادا كان الخارج كبول وغائط أو نادرا كدم وحصا نجسا كهذه الأمثلة أو طاهرا كدود إلا المني الخارج باحتلام من متوضئ ممكن مقعده من الأرض فلا ينقض والمشكل إنما ينتقض وضوؤه بالخارج من فرجيه جميعا
والثاني النوم على غير هيئة المتمكن وفي بعض نسخ المتن ذيادة من الأرض بمقعده والأرض ليست بقيد وخرج بالمتمكن ما لو نام قاعدا غير متمكن أو نام قائما أو على قفاه ولو متمكنا
والثالث زوال العقل أي الغلبة عليه بسكر أو مرض أو جنون أو إغماء أو غير ذلك
والرابع لمس الرجل المرأة الأجنبية غير المحرم ولو ميتة. والمراد بالرجل والمرأة ذكر وأنثى بلغا حد الشهوة عرفا والمراد بالمحرم من حرم نكاحا لأجل نسب أو رضاع أو مصاهرة
وقوله من غير حائل يخرج ما لو كان هناك حائل فلا نقض حينئذ
والخامس وهو آخر النواقض مس فرج الآدمي بباطن الكف من نفسه وغيره ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا
ولفظ الآدمي ساقط في بعض نسخ المتن وكذا قوله ومس حلقة دبره أي الآدمي ينقض على القول الجديد وعلى القديم لا ينقض مس الحلقة
والمراد بها ملتقى المنفذ، وبباطن الكف الراحة مع بطون الأصابع. وخرج بباطن الكف ظاهره وحرفه ورؤس الأصابع وما بينها فلا نقض بذلك أي بعد التحامل اليسير
Post a Comment